الصلاة، وإنما هي مخالفة لقياس الأصول، وهذا جائز، ويجب تقديمها على القياس، كما قدم أبو حنيفة رحمه الله من أكل ناسيًا في صومه لا يفطر، والقياس: أنه يفطر، إلا أنه ترك القياس لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - استحسانًا، وترك الوضوء بنبيذ التمر على قياس الأصول، كذلك ها هنا.
فإن قيل: فقد روي في حديث جابر - رضي الله عنه - في كل ركعة ثلاث ركعات، رواه أبو بكر النجاد.
وفي حديث علي - رضي الله عنه - في كل ركعة أربع ركعات، رواه النجاد.
وفي حديث أبيِّ بن كعب - رضي الله عنه - قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم فقرأ سورة من الطوال وركع خمس ركعات وسجد سجدتين وجلس كما هو مستقبل القبلة يدعو، رواه أيضًا النجاد.
وقد ثبت أنه لا يركع في ركعة ثلاث ركعات ولا أربع ولا خمس ركعات، كذلك لا يركع ركوعين.
قيل له: إذا لم يركع ثلاثًا وخمسًا، يجب أن لا يركع ركوعين، وقد علمنا أن ما زاد على الركوعين قد قام الدليل عليه، فأخرجناه، فيجب أن يبقى ما عداه على موجب الخبر، وعلى أنا نقول: جميع ذلك جائز، وإنما نقول: الأولى أن يركع في كل ركعة ركوعين، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف أخبار مختلفة على حسب الحال وكلها جائزة وإنما بعضها أولى من بعض، وإنما كان مذهبنا إليه أولى لأنه أصح سندًا من غيره.