وجواب آخر: وهو أنا نحمل أخبارهم على أنه فعل ذلك ليبين الجواز، وأخبارنا لبيان الفضيلة والمسنون، ويحتمل أن يكون صلى على تلك الصلاة لاختلاف الحال، وهو أنه افتتحها فانجلت الشمس فخفف، وافتتحها فلم تنجل فأطال على ما تقدم في خبرنا، فيكون فيه جمع بين الأخبار.
فإن قيل: فنحن نستعمل أخباركم على معنى أن الراوي كان بعيدًا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أطال الركوع ظن الناس أنه قد رفع فرفعوا فرآهم الراوي فظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رفع، ثم لما لم يرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد القوم إلى الركوع فظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركع ثانيًا فنقل على هذا الوجه.
قيل له: هذا لا يصح لوجهين:
أحدهما: أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الكسوف، وهكذا رواه النجاد، ومن كان خلفه لا يفوت عليه هذا.
والثاني: أن الراوي إذا أضاف الفعل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كان الظاهر أنه تحقق ذلك وعرفه، فلا يجوز حمله على الخطأ في ذلك، وعلى أن هذا إن كان قد وقع في الركعة الأولى فلا يجوز أن يقع مثله في الثانية، وقد فعل ما ذكرنا في الركعتين جميعًا.
فإن قيل: فأخبارنا أولى من وجوه:
أحدها: أن أخبارنا متفق على استعمالها وخبركم مختلف في استعماله، والمتفق على استعماله أولى من المختلف فيه.