وهذا يدل على أن الأفضل ذلك؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم فعلته.
فإن قيل: النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مخصوصًا بذلك، يدل عليه ما روى ابن بطة بإسناده عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: لما أرادوا غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: والله ما [ندري أ](١) نجرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم متكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: اغسلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثيابه، فقاموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم.
فوجه الدلالة: أنهم قالوا: ما ندري أنجرده كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه.
فدل على أن السنة في حقهم ذلك.
قيل له: أما قولكم: إنه كان مخصوصًا، فيحتاج إلى دليل؛ لأن الظاهر إنما فعله فهو شرع لأمته ما لم يرد دليل التخصيص، وعلى أنه قد روي عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لما حضره الموت قال: إن أنا مت فاصنعوا بي كما صنع بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مخصوص بذلك.
وإن قولهم: لا ندري أنجرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما نجرد موتانا، معناه:
(١) ساقطة من الأصل، والاستدراك من "سنن" أبي داود رقم (٣١٤١).