إيماءً (١)، وهذا قول ظهر وانتشر، ولم يُنقل عن أحد خلافه؛ ولأنه قادر على ستر ما يجب ستره من العورة، فلم يجز له تركُه.
دليله: لو كان واجدًا للثوب، تبين صحة هذا: أنه لا فرق بين أن يجد ثوبًا يستر جميع عورته، أو يجد ما يستر بعض عورته في أنه يجب عليه ذلك، كذلك ها هنا، هو قادر على ستر ما يُلاقي الأرض من العورة، فيجب أن يلزمه؛ ولأن ستر العورة للصلاة واجب؛ كما أن سترها عن غيره واجب، ثم ثبت أنه لو سترها عن غيره ببدنه، أجزأه، وسقط الفرض عنه، كذلك في الستر الواجب في الصلاة.
وأيضًا: فإن ستر العورة فرض، والقيام فرض، وقد دفع إلى ترك أحدهما؛ لأنه لا يمكن إتيانهما، فيجب أن يأتي بآكدهما، والستر آكد من القيام، ألا ترى فرض الستر لا يسقط في حال الصلاة على الراحلة، وفرض القيام يسقط، وكذلك فرض الركوع والسجود، ويجوز ترك القيام في صلاة صحيحة من غير عذر، وهو التطوع، وترك الستر لا يجوز في حال القدرة عليه بوجه.
وستر العورة يجب للصلاة وغيرها، والقيام لا يجب إلا للصلاة؛
(١) روى هذا الأثر: ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٧٨) عن ابن عمر، وابن عباس - رضي الله عنهم -، وقال: (ولا يثبت عن ابن عمر، وابن عباس ما روي عنهما)، وأخرج عبد الرزاق في مصنفه بنحو ما ذكره المؤلف آثارًا عن بعض الصحابة والتابعين، رقم (٤٥٦٣ و ٤٥٦٤ و ٤٥٦٥ و ٤٥٦٦)، وابن أبي شيبة - كذلك - في المصنف عن بعض التابعين، رقم (٥٠٢١ و ٥٠٢٢ و ٥٠٢٣).