وإذا اجتمع جنائز رجال ونساء، فالنساء تبع للرجال؛ لأنهن يتأخرن عنهم في الموقف، وإذا كانوا تبعًا سقط اعتبار الموقف في حقهن، وكان الاعتبار بالمتبوع وهو الرجل الذي يلي الإمام، كما إذا جمع بين الحج والعمرة لما كانت العمرة تبعًا للحج سقط اعتبار أفعالها، وكان الترتيب لأفعال الحج.
فإن قيل: كان يجب أن يخالف بين جنائز الرجل والنساء؛ لأنه يصيب بذلك مسنون الموقف.
قيل: إنما وافقنا للمعنى الذي هو أن المرأة تبع للرجل، فسقط اعتبار الموقف في حقها، وكان الاعتبار بالرجل كالعمرة مع الحج.
احتج المخالف: بأنه إذا سوى بينهم يصير كالصف الواحد، وإذا جعله مدرجًا يصير كالصف بعد الصف، وله أن يفعل ذلك في الصف؛ لأنه إن شاؤوا وقفوا صفًا واحدًا، وإن شاؤوا وقفوا صفًا دون صف مثل الدرج، بل هذا هو الأفضل، نص عليه في رواية الميموني فقال: أحب إلي إذا كان فيهم قلة فله أن يجعلهم ثلاث صفوف، وإن كان وراءه أربعة جعلهم صفين.
والجواب: أنا لا نقول: إنه مخير بين تفريق الصف وبين جمعه كما قالوا هم في مسألتنا، بل نقول: المستحب أن يفترقوا صفوفًا لما فيه من الحظ للميت كما ورد الشرع، فروى أبو حفص العكبري بإسناده عن مالك بن هبيرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مؤمن يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين بلغوا أن يكونوا ثلاثة صفوف إلا غفر له"، فكان