للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم، وإن أفضى إلى ذلك.

واحتج المخالف: بأن بحضرته من يصلي عليه، فوجب أن لا يجوز لمن غاب عنه أن يصلي عليه، دليله: إذا مات في بلد، فصلى عليه أهل محلة أخرى من ذلك البلد، ولم يشهدوا جنازته ولا دفنه.

والجواب: أن قولهم: بحضرته من يصلي عليه، لا معنى له؛ لأنه لو مات في بادية أو غرق في البحر، فإنه لا يصلى عليه عندهم، وإن لم يكن بحضرته من يصلي عليه، وعلى أن البلد (١) الواحد، إنما لم يجز الصلاة فيه بالنية؛ لأنه لا حاجة بهم إلى ذلك؛ لوجود القدرة على الصلاة على الميت، وفي بلد آخر بنا حاجة، وفرق بينهما، ألا ترى أن صلاة الصف الآخر جائزة، وإن اتصلت الصفوف وطالت وحصلت بين الجنازة وبين مسافة بعيدة؟! ولو وقف في موضع الصف الآخر من غير حاجة إلى ذلك لم يجز كذلك.

واحتج: بأن من شرط صحة الصلاة على الميت أن يكون الميت حاضرًا بين يديه، ألا ترى أنه لو تركه خلفه، وصلى إلى القبلة لم يصح؟!

والجواب: أن هذا شرطه في الموضع الذي لا حاجة به إلى الغيبة، فأما عند الحاجة فليس ذلك من شرطه، وقد بينا أن للحاجة تأثيرًا في الجواز، بدليل: الصف الأخير، والله أعلم.

* * *


(١) في الأصل: الولد.

<<  <  ج: ص:  >  >>