للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: لا يمتنع أن يُستحب منفردًا، ولا يجب كالقراءة؛ ولأن ما شُرع فعلُه لوجود التلاوة، لم يكن واجبًا؛ قياسًا على سؤال الرحمة إذا قرأ آية الرحمة، والاستعاذة من النار إذا قرأ آية عذاب، فإن ذلك مستحب للتلاوة، وقد رُوي ذلك في حديث (١)؛ ولأنها تلاوة، فلم يجب فيها سجود، دليله: إذا تكررت في مجلس، والسجدة الثانية من الحج.

فإن قيل: السجدة الثانية ليست من مواضع السجود.

قيل له: عندنا أنها من مواضع السجود.

فإن قيل: تكرار الزنا لا يوجب تكرار الحد، ولم يمنع ذلك وجوبه في الابتداء، وكذلك الشرب، وكذلك تكرار السهو في الصلاة لا يوجب تكرار سجود السهو، ولم يمنع ذلك وجوبه لأجل السهو، وكذلك تكرار الحدث لا يوجب تكرار الطهارة، ولم يمنع ذلك وجوب الطهارة بالحدث.

قيل له: هذا ما يشبهه ما ذكرنا؛ لأنه لو قرأ وسجد، ثم كرر قراءتها في ذلك المجلس، لم يسجد، ومثله لو زنا فَحُدَّ، ثم زنا في ذلك المجلس حُدَّ، وكذلك الحدث؛ ولأنه لو قرأها في مجلس ولم يسجد، وقرأ في مجلس آخر، وجب عليه القضاء، ولو زنا ولم يُحد، وزنا في وقت آخر، فحَدٌّ واحد، فعلم أن السجود لا يشبه الحدَث، ولا الحدَّ، وأما سجود السهو، فلا يُفعل عقيب سببه، وإنما يؤخر إلى آخر الصلاة ليكون جبرانًا


(١) أخرجه مسلم في كتاب: الصلاة، باب: استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم (٧٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>