لما يحصل من السهو، فلهذا لم يكن تداخُله دلالة على نفي الوجوب، وليس كذلك ها هنا؛ لأنه يفعل عقيب سببه، فلو كان واجبًا، لم يتداخل بتكراره؛ كالسجود في الصلاة المفروضة.
وأيضًا: فإن هذا سجود يجوز فعلُه على الراحلة من غير خوف ولا شرط، فلم يكن واجبًا، دليله: سجود النافلة، وقد ثبت عندهم: أنه لو قرأ على الراحلة السجدة، جاز أن يسجد عليها، ولا يلزم عليه إذا نذر أن يصلي ركعتين على الراحلة أنه يجزئه، ومع هذا فهي واجبة؛ لأنها إنما جاز ذلك بالشرط، ألا ترى أنه لو نذر أن يصلي ركعتين مطلقًا، لم يجز أن يصلي على الراحلة، وفي مسألتنا القراءةُ على الراحلة ليس فيها شرط، فلو كانت واجبة، لم يجز فعلُها على الراحلة.
فإن قيل: إذا تلاها راكبًا، فقد أوجب السجدة على تلك الصفة، ألا ترى أنه لو تلاها على الأرض، لم يجز له أن يؤديها راكبًا؟
قيل له: هذا باطل به لو زالت الشمس وهو على الراحلة، فإن سبب الوجوب قد وجد وهو على الراحلة، ولا يجوز فعلُ الصلاة عليها.
وأيضًا: فإنها لو كانت واجبة، لوجب إذا تلاها في الصلاة، ثم لم يفعلها فيها حتى خرج منها أن لا تسقط، فلما اتفقنا أنه لا يجب عليه فعلها بعد خروجه منها، دل على أنها لم تجب.
فإن قيل: إذا تليت في الصلاة، صارت من سننها، وسنن الصلاة لا تقضى خارج الصلاة.