للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك على وجه التكذيب، استحقوا الذم، مع أنه قرن السجود بالبكاء، والبكاء غير واجب، كذلك السجود.

واحتج بقوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: ٦٢]، وهذا أمر.

والجواب: أنا نحمله على الندب؛ بدليل: ما ذكرنا.

واحتج: بما روى أبو داود بإسناده (١) عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة النجم، فسجد فيها، وما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفًا من حصى أو تراب، فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا، قال عبد الله: فلقد رأيته بعد هذا قُتل كافرًا (٢)، وهذا على وجه الذم له عند ترك السجود، والذم لا يستحق إلا بترك الواجب.

والجواب: أنه يحتمل أن يكون ترك السجود مستكبرًا أو جاحدًا، فلهذا ذمه، ولهذا روي: أنه قُتل كافرًا.

واحتج: بأنه يجوز فعلُها في الصلاة في حق تاليها، ولو كانت نفلًا، لم يجز فعلها، ولما جاز فعلُه فيها، دل على وجوبه، دليله: سجدات الصلاة، ولا يلزم عليه سجود السهو؛ لأنه واجب عندنا.

والجواب: أنه إنما جاز في الصلاة لا لوجوبه، لكن لوجود سببه في الصلاة، ألا ترى لو قرأ آية السجدة خارج الصلاة، لم يجز له أن يسجد


(١) في سننه رقم (١٤٠٦).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب: سجود القرآن، باب: ما جاء في سجود القرآن وسنتها، رقم (١٠٦٧)، ومسلم في كتاب: المساجد، باب: سجود التلاوة رقم (٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>