للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه، فهو مذموم يستحق الوعيد.

فإن قيل: الكافر لا يستحق الذم على ترك ما ليس بواجب، فلما ذمهم على ترك السجود عند تلاوته، دل على وجوبه.

قيل له: إنما ذمهم على تركه على الوجه الذي ذكرنا، وهو تركهم له تكذيبًا وكفرًا، وذلك يستحق به الذم، وقد قيل: لما أضاف ذلك إلى جميع القرآن، دل على أن المراد به ما ذكرنا.

واحتج المخالف بقوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا} [السجدة: ١٥]، فجعله من شرائط الإيمان، فدل على وجوبه.

والجواب: أنه من شرائط الإيمان في حق من تركه مستكبرًا جاحدًا، وهكذا نقول.

واحتج بقوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: ٥٨]، ثم قال: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم: ٥٩]، والظاهر: أن هذا راجع إلى ما تقدم ذكرُه من السجود، فدل على وجوبه؛ لاستحقاق الذم بتركه.

والجواب: أن المراد بقوله تعالى: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: ٥٩] يعني: كذبوا بها، هكذا ذكره المفسرون (١)، وأنهم اليهود، وإذا تركوا


(١) ينظر: معاني القرآن للزجاج (٣/ ١٦٤)، والمحرر الوجيز (٦/ ٤٦)، والدر المنثور (١٠/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>