للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الساجدين، هكذا قاله المفسرون (١)، فأمره الله تعالى بمفارقة المشركين، ومصاحبة المؤمنين، لئلا يرى منهم ما يضيق صدره.

وفيه احتراز من قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} [آل عمران: ٤٣]، لأن ذلك من قول الملائكة: يا مريم إلى قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: ٤٣]؛ ولأن ذلك في شريعة مَنْ كان قبلنا.

وفيه احتراز من قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: ٧٢]؛ لأنه لا يتضمن السجود، ولم يصرح باسمه.

وفيه احتراز من قوله: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} [البقرة: ٣٤]؛ لأن ذلك ذم لمن ترك السجود لآدم - عليه السلام -، وليس ذلك بذم لمن ترك السجود لله. وأما قوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤] ليس بحث على السجود، وإنما هو إخبار عن توبة داود - عليه السلام -.

وأما قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: ٤٠]، ليس بحثٍّ على السجود، وإنما هو حثٌّ على التسبيح.

وأما قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: ٢٦]، أمر بتطهير البيت من الشرك للمصلين، وليس بحث على السجود؛ لأن القائمين هم المصلون، والركع السجود تكرار


(١) ينظر: تفسير البغوي (٣/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>