للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على سبيل التأكيد.

وفيه احتراز من قوله تعالى: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: ١١٣]؛ لأن ذلك ليس بحث على السجود، وإنما هو إخبار عن قوم (١) وصفهم الله بذلك، ونعت حالهم لنا.

واحتج المخالف: بأن الثانية من الحج ذكرت مع الركوع، فصارت كقوله: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} [آل عمران: ٤٣]، وقوله: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥].

والجواب: أن عند المخالف: أنه إذا تلا السجدة، كان مخيرًا بين السجود والركوع، والسجود على طريق التأكيد، وليس كذلك ها هنا؛ لأنه ترغيب من الله على السجود في شريعتنا باسمه الخاص أشبه ما ذكرنا.

واحتج: بأن السجود الذي مع الركوع هو الصلاة، والأمر بالصلاة لا يقتضي سجودًا؛ كقوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: ٧٢].

الجواب: أن هذا ليس بأمر بالصلاة؛ لأن الأمر بالصلاة بعده، وهو قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، ولو كان ذلك أمرًا بالصلاة، لما أعادها بعد، وعلى أنه لو كان أمرًا بالصلاة، اقتضى أن يكون موضعًا للسجود؛ ولأنه قد صرح بذكر السجود على سبيل الحث والترغيب، وليس كذلك قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}؛ لأنه لم يصرح بذكر السجود.


(١) في الأصل: قومهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>