على منتهى طرف سطحها، وافق أبو حنيفة - رحمه الله -: أنها لا تصح، وكما لم يكن بين يديه سترة ظاهرة، وافق الشافعي - رحمه الله - على أنه لا تصح صلاته.
فإن قيل: المعنى فيه إذا كان هناك سترة: أنه صلى إلى شيء شاخص منها، فلهذا لم يكره.
قيل له: فإذا صلى على جبل أبي قبيس (١)، جازت صلاته، وإن لم يكن مصليًا إلى شيء شاخص منها، فبطل هذا.
فإن قيل: المعنى فيه إذا لم يكن بين يديه شيء من سطح البيت، ولا شيء من أرضه: أنه غير متوجه إلى شيء من البيت، فلهذا لم تجزئه، وها هنا هو متوجه إلى شيء من البيت، فأجزأه كما لو كان خارجًا منه.
قيل له: هو مأمور بالتوجه إليه، لا إلى شيء منه؛ بدليل قوله - عز وجل -: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤]؛ ولأنه إذا صلى فيه أو عليه، فلا يوصف بأنه متوجه إليه؛ كما لا يوصف من صلى على الراحلة ولا على البساط أنه متوجه إليه، وإنما يقال: هو مصل عليه لا إليه، وعلى أنه إذا كان خارجًا منها لا يقال: صلى إلى شيء منها، وإنما صلى إلى
(١) أبو قبيس: بلفظ التصغير كأنه تصغير قبس النار، وهو اسم الجبل المشرف على مكة، وجهه إلى قعيقعان، ومكة بينهما، أبو قبيس من شرقيها، وقعيقعان من غربيها؛ قيل: سمي باسم رجل من مذحج كان يكنى أبا قبيس، لأنه أول من بنى فيه قبة، … وكان في الجاهلية يسمى الأمين؛ لأن الركن كان مستودعًا فيه أيام الطوفان، وهو أحد الأخشبين. ينظر: معجم البلدان (١/ ٨٠).