قيل له: يجب أن يرجع كل واحد من الحُكمين - أعني: حبط العمل، والخلود - إلى الشرطين جميعًا، ولا يرجع أحدهما إلى الشرطين دون الآخر، وهذا كقوله: لا تطأ وأنت محرِم، فعليك القضاء والكفارة، فإن كل واحد من الحُكمين راجع إلى الشرطين، وهما: الوطء، والإحرام. وكذلك قوله لعبد: إذا دخلتَ الدار، وكلمتَ زيدًا، فأنت حر، وامرأته طالق، فإن كل واحد من الشرطين، وهو: العتق، والطلاق راجع إلى الشرطين، فلا يعتق حتى يدخل الدار، ويكلم زيدًا، وكذلك: لا تطلق إلا بهما.
كذلك ها هنا يجب أن يكون حبط العمل يتعلق بالشرطين: الردة، والموت، والخلود متعلق بهما أيضًا، وهذه الآية أخصُّ من قوله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر: ٦٥]، وقوله تعالى:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}[المائدة: ٥]؛ لأنه لم يذكر في ذلك الموت، وقد ذكره ها هنا، على أنه قد قيل: إن في سياق هاتين الآيتين ما يدل على أن المراد به: إذا مات على كفره، دونَ مَنْ أسلمَ.
واحتج بقوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الإسلام يجبّ ما قبله"(١).
والجواب: أن هذا محمول على ما تركه في حال كفره؛ بدليل ما ذكرنا.