للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشك في الحدث، لا يتحرى، بل يبنى على اليقين؛ لأنه لا دليل عليه، كذلك ها هنا.

فإن قيل: فإذا كانت ليلة مظلمة، والرياح ساكنة، والسماء متغيّمة، فليس هناك دلالة على الوقت، ومع هذا يتحرى.

قيل له: إن كانت له صنعة يَعْرِفُ بها، فإنه يرجع إليها، وتلك أمارة، وإن لم يكن له، لم يجز التحري، ولزمه التأخير حتى يغلب على ظنه دخول الوقت، بل إن خفيت عليه دلائل القبلة بسكون الرياح، والظلام، والغيم، فإنه يصلي على ما يغلب عليه ظنه (١)، وفي الإعادة وجهان، ذكرهما أبو بكر في كتاب الشافي، والصحيح: أنه يعيد لعدم الأمارة.

فإن قيل: قد كان يمكنه أداء فرضه بيقين في حال اشتباه القبلة، وهو أن يصلي أربع صلوات إلى أربع جهات، فكان يجب أن يلزمه ذلك.

قيل: قد بينا أن هناك أمارة تدل على القبلة، وعلى أن الأمر (٢) بذلك أمرٌ بالخطأ، فلهذا أمر بالاجتهاد، وليس كذلك في مسألتنا، وهو البناء على اليقين؛ لأنه ليس فيه أمره بالخطأ، فلهذا بنى على اليقين، كما إذا نسي صلاة من يوم لا يعرفها.

وجميع ما استدللنا به على أبي حنيفة - رحمه الله - فهو دلالة على


(١) ينظر: الانتصار (٢/ ١٦٩)، والمغني (٢/ ١٠٧ و ١١٣).
(٢) في الأصل: المر، والتصويب من هامش المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>