للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمل بخبر الواحد جائز، وهو أمارة، وغلبة ظن، وإن كان الأصل هو اليقين، وكذلك في الصيام إذا حال دون هلال شوال غيم في ليلة الثلاثين، فشهد اثنان برؤية الهلال، فإنه يرجع إلى شهادتهما، وهو غالب ظن، فيترك اليقين والأصل الذي هو بقاء الشهر، كذلك ها هنا.

ولأنه لا يمتنع أن يرجع إلى قول غيره في فعل نفسه، الدليل عليه: ما رُوي عن أنس - رضي الله عنه - قال: بعث أبو موسى بالهرمزانِ (١) معي إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين نزل على حكمه، فلما قدمتُ به، لم يتكلم الهرمزان، فقال عمر - رضي الله عنه -: تكلم، فقال: كلام حي، أم كلام ميت؟ فقال له: تكلم، ولا بأس عليك، فقال: نحن وأنتم - معاشرَ العرب - حيث جعل الله بيننا وبينكم، كنا نستعبدكم ونغصبكم (٢)، فلما كان الله معكم، فليس لنا بكم يدانِ، فأمر عمر - رضي الله عنه - بقتله، فقال له أنس: تقتله وقد قلت: لا بأس عليك! فقال عمر لأنس - رضي الله عنهما -: من يشهد معك؟ فأتى عمرَ بنُ الزبير - رضي الله عنه - وقد كان


= فمع يقين العلم بالكذب أولى أن لا يقبل).
(١) الهرمزان: من عظماء الفرس، كان بينه وبين المسلمين قتال كثير، ثم أُسِر، فبعث به أبو موسى إلى عمر - رضي الله عنهما -، فأسلم الهرمزان، فكان عمر يستشيره في مغازيه، قتله عبيد الله بن عمر ظنًا منه أنه تواطأ مع أبي لؤلؤة المجوسي - عامله الله بعدله - على قتل أبيه عمر. ينظر: صحيح البخاري، كتاب: الجزية والموادعة، باب: الجزية والموادعة، رقم (٣١٥٩)، وفتح الباري (٦/ ٣١٧).
(٢) في الأصل: بعضكم، والتصويب من مسند الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>