ولأن السجدة الثانية فعلٌ واجب من أفعال الصلاة، فوجب أن يكون الترتيب بينه وبين ما بعده واجبًا.
دليله: سائر أفعال الصلاة من الركوع لا يصح قبل القيام والقراءة، ولا يصح السجود قبل الركوع، كذلك يجب أن لا يصح القيام في الركعة الثانية قبل أن تصح السجدة الأخيرة.
وعبر بعضهم [عن] هذا المعنى بعبارة أخرى، فقال: ترتيب مستحق في الصلاة، لا يسقط مع الذكر، فلا يسقط السهو؛ كترتيب الركوع على السجود.
وأجاب المخالف عن هذا: بأن الترتيب بين السجدات غير مستحق مع الذكر؛ فإنه لو ترك سجدة من ركعة، وقام إلى الركعة الأخرى مع الذكر، لم تفسد صلاته.
واحتج المخالف: بأن السجدة الثانية مفعولة على وجه التكرار، فجاز أن يسقط الترتيب بينها وبين الأولى، فيثبت حكم السجدة الأولى من الركعة الثانية قبل ثبوت حكم السجدة الثانية من الركعة الأولى؛ كما قلنا في صيام أيام من رمضان، وركعات الصلاة: إن الترتيب يسقط فيها بهذه العلة، ولا يلزم عليه تقديم السجود على الركوع؛ لأنه لا يجوز؛ لأن السجود والركوع غير مفعولين على وجه التكرار، فجاز أن يثبت بينهما.
والجواب: أنَّ لا نسلم أن الثانية مفعولة على وجه التكرار؛ لأن بين الثانية والأولى جلسة الفصل، وهي واجبة عندنا، فتكرار السجدتين في ركعة، كتكرار السجود والركوع في كل ركعة.