للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة عامدًا بعد فراغ المأموم: لا تبطل، وإن كان إمامه محدثًا، وعلى أن العلم بحدثه في الصلاة يخالف العلم خارج الصلاة؛ بدليل: أنه لو اقتدى بإمام اجتهد وأخطأ القبلة وهو لا يعلم حتى فرغ، صحت صلاته، ولو علم قبل الفراغ، نوى مفارقته، ولم يجز له تمام الصلاة معه، فبان الفرق بين العلم بعد الفراغ: أنه يعتد بجميعها معه، وقبل الفراغ لا يعتد بجميعها، وإنما افترقا من وجه، وهو إذا علم بخطئه في الصلاة، ينوي مفارقته، وإذا علم بحدثه، بطلت صلاته؛ لأن العلم بخطئه لا تبطل صلاة الإمام، فلم تبطل صلاته، وحدثُه يبطل صلاة الإمام، فجاز أن يُبطل صلاته، وليس إذا أَثَّر في حال العلم في الصلاة يجب أن يؤثِّر بعد الفراغ، كما أن علمه بخطأ إمامه أَثَّر في الاقتداء قبل الفراغ، ولم يؤثر بعد الفراغ؛ ولأن ما بعد الفراغ من الصلاة لا يُبطل صلاة الإمام ببطلان صلاة المأموم، وهو إذا صلى بمسبوق، وسلّم، ثم أفسدوا صلاتهم، لم تبطل جماعته، كذلك لا تبطل صلاتهم ببطلان صلاة الإمام، ليس كذلك في أثناء الصلاة؛ لأنه تبطل صلاته ببطلان صلاتهم، وهو إذا نقص العدد في الجمعة، بطلت صلاته، وفي الجماعة تبطل جماعته، ويصير منفردًا، ولأنهم قد قالوا: إذا صلى الأمي والقارئ، بطلت صلاة الجميع؛ لأنهم كانوا قادرين أن يأتوا بالصلاة بقراءة، قال الرازي (١): إن لم يعلموا أن


(١) لم أقف على قوله، وسيأتي كلام الحنفية في هذه المسألة.
والرازي هو: أحمد بن علي الرازي، أبو بكر الجصاص الحنفي، له مصنفات كثيرة، منها: أحكام القرآن، وشرح مختصر الطحاوي، وغيرهما، =

<<  <  ج: ص:  >  >>