للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن شئت قلت: متحلِّل معتاد من حيوان يؤكل لحمه، فكان طاهرًا، دليله: اللبن، ولا يلزم عليه الدم لأنه غير معتاد تحلله، ولا يلزم عليه بول ما لا يؤكل لحمه؛ لقولنا: من حيوان يؤكل لحمه.

فإن قيل: لبن المرأة طاهر، وبولها نجس.

قيل: لأن الشرع سوى بين لبن الإبل وأبوالها، وفرق بينهما في المرأة؛ ولأنه بولٌ، فكان تابعًا للحم، دليله: بول الآدمي، وما لا يؤكل لحمه، لما كان اللحم محرمًا، ولما كان لحم ما يؤكل لحمه مباحًا، كان البول مباحًا، ولأنه رَجيعُ حيوان يؤكل لحمه، فكان طاهرًا، دليله: رجيع الحمام، والعصافير، وهذا يخص أبا حنيفة - رحمه الله -.

فإن قيل: الفرق بينهما من وجهين: أحدهما: أن ذلك لا يغسل المسجد منه، وليس كذلك غيره من الرجيع؛ لأنه يغسل المسجد منه.

الثاني: أن ذلك لا يستحيل إلى نتن وفساد، وهذا معدوم في غيرها من الأرواث.

قيل: أما غسل المسجد من ذلك، فلا يجب، كما لا يجب في رجيع الحمام، والعصافير.

وأما قوله: إن ذلك لا يستحيل إلى نتن، فغير صحيح؛ لأن ذَرق العصافير منتن، ألا ترى أن روائح أبراجها في غاية النتن؟ وعلى أن هذا


= والجوى: كل داء يأخذ في الباطن لا يُسْتمرأُ معه الطعام، واجتويت البلد: إذا كرهت المقام فيه. ينظر: لسان العرب (جوا).

<<  <  ج: ص:  >  >>