للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلدة فيها مثل الشحم الرقيق؛ كالمخ يكون في جوف العظم، وتكون في جوف الجدي، وهذه لا يمكن إخراجها في حياة الجنين (١)، وأما البيض، فإن لم يكن صلبًا قشره عليه، فلا يجوز أكلُه من الميتة، وإن كان قد صلب قشره الأبيض، فإنه يحل؛ لأن ما فيه لا ينجس بمجاورة النجاسة؛ لأن قشره يمنع وصول النجاسة إليه.

واحتج: بأن ملاقاة اللبن لضرع ميت إنما هو ملاقاة لنجاسة الباطن، ونجاسة الباطن لا حكم لها، ألا ترى إلى قوله تعالى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا} [النحل: ٦٦]، فأخبر أنه يخرج من هذين وهو طاهر، وكذلك المني لا ينجس بجريانه في مجرى البول؛ لأنه باطن، كذلك ها هنا.

والجواب: أن الآية لا تدل على أن اللبن ملاقٍ للفرث والدم، وإنما أخبر الله تعالى شربه، ويكون ملاقيًا لهما، وبينه وبينهما حُجب في الخِلقة، وقد قيل في السيرة: إن الطعام يحصل منه الفرث في الكرش، والدم في العروق، واللبن في الضرع، فتخلص منه ثلاثة ألوان مختلفة بقدرة الله تعالى، وأما المني، فقد قيل أيضًا: إن مجراه غير مجرى البول، وعلى أنه لو كان مجراهما واحد [اً]، فإنما لم ينجس؛ لأنه لا مجرى له غيره، فلا ينفك عنه، فجرى فيه العفو، وليس كذلك لبنُ الميتة؛ لأن موت الشاة وفي ضرعها لبن ليس مما يكثر ويدوم، ولبنها طولَ عمرها غيرُ ملاقٍ للنجاسة، وإنما ذلك يحصل وقت الموت، فلم تدعُ الضرورة


(١) كذا في الأصل، ولعلها في حياة الجدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>