للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧]؛ أي: وقت الحج.

فإن قيل: فالآية الكريمة نزلت على قوم سكروا، فصلَّوا وغيّروا، وهذا يدل على أن المراد بالآية: الفعلُ دون الموضع.

قيل: اللفظ أعمُّ من السبب، فلا يجب حملُه عليه.

فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، فشرط في حال قربه الصلاة علم ما يقول، وقرب موضع الصلاة لا يحتاج إلى القول حتى يكون علمه به في جواز قربه، والصلاة تحتاج إلى القول، فيجوز أن يكون علمه به شرطًا في جواز قربها.

قيل له: لم يشترط القول، وإنما شرط العلم بما يقولونه؛ ليميز بين ما يصلح في المسجد، وما لا يصلح فيه؛ لأن القبيح والهُجْر من الكلام لا يجوز في المسجد.

وجواب آخر: وهو أن قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣] أراد به: فعل الصلاة، وقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣] أراد به: موضع الصلاة، فيكون تقديره: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}، ولا تقربوا موضع الصلاة وأنتم جنب إلا عابري سبيل، وأراد بالصلاة في السكران: هو الفعل، وفي الجنب: هو المسجد، وإنما عطفه الجنب على السكران على اللفظ، وإن كان معناهما مختلفًا، وهذا جائز في اللغة، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣]، فعطف الملائكة على نفسه - جل وعلا - في لفظ الصلاة دون معناها؛ لأن الصلاة من الله الرحمة والمغفرة، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>