قيل: قد بيّنا أنه لا يستبيح بإحرام العمرة ما يستبيح بإحرام الحج، وكذلك التيمم لا يستبيح به من الصلوات المفروضات، ما يستبيح المتطهر بالماء، ويستبيح به اللبث في المسجد، وكذلك يستبيح بهذه الطهارة أكل الطعام، والنوم، وإن لم يستبح غيره من الأشياء، كذلك ها هنا، ولأن إحرام الحج يحرم الأشياء، ثم التحلل الأول يبيح بعض المحظورات، وهو ما عدا الوطء مع بقاء الإحرام، كذلك حدث الجنابة يمنع أشياء، فجاز أن تُبيح الطهارة الصغرى بعض المحظورات، وهو اللبث.
واحتج المخالف: بأن كل معنى مُنِع الجنب منه قبل الوضوء، مُنع منه بعد الوضوء، دليله: الصلاة، والقراءة، ومس المصحف، والوطء.
والجواب: أنه يبطل بالأكل، والنوم يمنع منه على طريق الكراهة قبل الوضوء، ولا يمنع منه بعد الوضوء؛ ولأنه لا يمنع من الصلاة، ولا يمنع من اللبث؛ كالمحدِث الحدثَ الأصغر، وكذلك لا يمنع من حمل المصحف، ولا يمنع من اللبث، وأما قراءة القرآن، فإنما منع منها؛ لأن حرمتها أغلظ وآكدُ؛ بدليل: أن الحدث الأصغر يمنع من حمل المصحف؛ لحرمة القرآن، ولا يمنع من اللبث في المسجد، وأما تحريم الوطء، وهو آكد من غيره؛ بدليل: أن الحائض إذا أمنت تلويث المسجد، جاز لها الاجتياز فيه، ولم يجز وطؤها (١) في تلك الحال، ولأن التحلل