وقد تكلم أبو القاسم عبد الرحمن بن منده فيما كتب به إلى علي - رضي الله عنه - هذا الحديث فقال: من الناس من يستدل على إقامة القنوت في صلاة الصبح بحديث أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس أنه قال: ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الفجر حتى فارق الدنيا، وذكر بعده بإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: أبو جعفر الرازي ليس بالقوي في الحديث، وقال: رواه ابن أبي حاتم وغيره عن عبد الله بن أحمد بن حنبل - رضي الله عنهم - وروى بإسناده عن قتادة عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يقنت إلا إذا دعا على قوم أو دعا لهم، وهذا يدل على تعارض الرواية عن أنس وروى أيضًا عن معمر بن راشد، وإسحاق بن راشد عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في صلاة الفجر حتى أنزل الله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران: ١٢٨] وذكر حديث عمرو بن عبد الغفار وغيره عن أبي جعفر عن الربيع عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - يقنتون حتى مضوا، ثم روى بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول: عمرو بن عبد الغفار ضعيف متروك الحديث، إلى ها هنا كلام عبد الرحمن.
وعلى أنا روينا عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا ثم تركه.
وجواب آخر: وهو أنه يحتمل أنه يكون قوله: قنت في صلاة الغداة بعد ما يفرغ من الصلاة ويسلم؛ لأن الصلاة قد يعبر بها عن الوقت