للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في السفينة - وهي سائرة -، دل على أنه ليس فرض القيام إليها، وربما قالوا: كل صلاة جاز أداؤها في حال السير، فإن فرض القيام يسقط فيها في تلك الحال؛ دليله: الصلاة على الراحلة.

والجواب: أنا لا نسلم أن القيام لم يثبت في الأصل إلا في حال الاستقرار، بل يثبت في حال القدرة من غير مشقة، ولا متابعة، ولا كشف عورة، والموضع الذي ذكروا من صلاة النافلة، فلم يسقط هناك القيام لعدم الاستقرار، لكن لعدم الفرض، ألا ترى أنه يسقط القيام فيها في حال الاستقرار؟ وها هنا هي صلاة مفروضة.

واحتج: بأنه إذا قام في السفينة يدور رأسه، فيكون ذلك عذرًا في ترك القيام.

والجواب: أن أبا حنيفة - رحمه الله - (١): لا يعتبر العذر، ولا دوران الرأس، وإنما نحن نعتبر العذر، فلم يصح ما قاله.

واحتج: بأن القيام إنما يجب بالشرع، وقد أجمعنا على وجوبه في حال الاستقرار، واختلفنا على وجوبه في حال السير، وليس هناك شرع يوجبه، فلم يجز ادعاء وجوبه.

والجواب: أن كل شرع ورد في وجوب القيام في الصلاة الفريضة، فهو عام في سائر الأحوال؛ من حال الاستقرار، وحال السير، فمن ادعى تخصيصه، فإنه يحتاج إلى إقامة دليل، ألا ترى أن وجوب القيام أُخِذَ


(١) ينظر: مختصر اختلاف العلماء (١/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>