للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد الحرام، ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحدى الروايتين (١)؛ لئلا تتفرق الجماعات، والفضيلة تُحصل في توفيرها؛ لأن أهل مكة والمدينة يتوفرون للصلاة في هذين المسجدين دون غيرهما من الأماكن طلبًا لفضيلتهما، والفضلُ في توفر الجماعة الواحدة، وكثرة الجمع فيها، فلو أجزنا تكرر الجماعة، أدى ذلك إلى تقليل الجمع، وتفريقه، فيؤدي إلى فوات تلك الفضيلة، وهذا المعنى لا يوجد في سائر البلاد؛ لأنهم لا يتوفرون على مسجد واحد، وإنما قلنا: إن توفر الجماعة تحصل به فضيلة؛ لما روى أُبَيُّ بن كعب - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة المرء مع الرجل أزكى من صلاته وحدَه، وصلاة المرء مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل (٢)، وما كَثُر، فهو أحبُّ إلى الله - عز وجل -" (٣)، ولأن كلما كثر الجمع، كان أكثر في التضرع والابتهال والدعاء، ويكون أرجى للإجابة، وإذا كان كذلك، لم يعلم ما ادعوه من النسخ.

وأيضًا: بما روى أحمد - رحمه الله - في المسند (٤) بإسناده عن


(١) ينظر: مسائل أبي داود رقم (٣٣٦).
(٢) في الأصل: الرجلين، والتصحيح من سنن أبي داود.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: في فضل صلاة الجماعة، رقم (٥٥٤)، والنسائي في كتاب: الإمامة، باب: الجماعة إذا كانوا اثنين، رقم (٨٤٣)، قال علي بن المديني: (ما أراه إلا صحيحًا). ينظر: فتح الباري لابن رجب (٢/ ٥٨٣).
(٤) رقم (١٩١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>