للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: قول - عليه السلام -: "من صلى صلاتنا"، معناه: من صلى مثلَ صلاتنا في الهيئات، والأفعال؛ لأنه لو لم يكن كذلك، لم يكن للخبر فائدة؛ لأنه إذا تقدمها الإسلام، كان مسلمًا قبل أن يصلي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حكم له بالإسلام إذا صلى، ولأنه لو كان كذلك، لصار تقدير الخبر كأنه قال: "من صلى صلاتنا وهو مسلم"، وهذا لغو في الكلام.

فإن قيل: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - علق الحكم بإسلامه بالصلاة، وأكلِ الذبيحة جميعًا، وأنتم تعلقونه بفعل الصلاة، ولا تعتبرون الآخر.

قيل له: لو خُلِّينا وظاهرَ الخبر، لجعلناهما شرطًا، إلا أنهم لما أجمعوا على سقوط اعتبار أحدهما، أسقطناه، واعتبرنا الآخر، ولم تقم الدلالة على سقوط اعتباره، ومن جهة النظر أنه فعل ما يختص به أهل الإسلام، فوجب أن يكون ظاهره دلالةً على الإسلام؛ كالشهادتين، والتبري من كل دين سوى دين الإسلام، ولا تجب عليه الزكاة، والصيام؛ لأنه لا يختص به أهل الإسلام؛ لأن أهل الذمة يزكون ويتصدقون كما يتصدق المسلمون، ويصومون كما يصوم المسلمون، ولا يلزم عليه الحج؛ لأنا لا نعرف الرواية عن أصحابنا - رحمة الله عليهم -، ولكن إن رأيناه يتجرد في إحرامه كما يتجرد المسلمون، ويطوف بالبيت، فذلك إسلام، وإن رأيناه كذلك في سوق أو غيره، فليس بإسلام؛ لأن هذا الفعل لا يختص به أهل الإسلام، والطواف بالبيت يختص به أهل الإسلام، وكذلك لو أذن في مئذنة، أو حيث يؤذن المسلمون للصلاة، فهو إسلام، وإن كان بحيث لا يؤذن للصلاة، احتمل أن لا يكون إسلامًا؛ لجواز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>