للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي - رحمه الله -: إن كان الانفراد لعذر، صحت، وإن كان لغير عذر، فعلى قولين: أصحهما عنده: أن الصلاة صحيحة (١).

فالدلالة على أن الصلاة تبطل إذا كان لغير عذر: ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تختلفوا على إمامكم" (٢)، فإذا انفرد بصلاة نفسه، فصار يركع قبل الإمام، فقد اختلف عليه، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، ولأن صلاة المنفرد (٣) مخالفة لصلاة المأموم؛ بدلالة ما قدمناه في المسألة التي قبلها، فإذا كان كذلك، قلنا: إذا افتتح الصلاة في جماعة، فقد انعقدت صلاته على صفة من الصفات، وجهةٍ من الجهات، فلا يجوز صرفها بنيته إلى جهة أخرى مخالفة لها؛ كما لو افتتح صلاة الجمعة، لم يجز أن يصرفها بنيته إلى الظهر، وكذلك الظهر إلى الجمعة، والعصر إلى الظهر، والنفل إلى الفرض، ولأنه التزم الجماعة، فإذا انفرد بنيته، جاز أن تبطل صلاته؛ كما لو أحرم بالجمعة، ثم انفرد، ولا يلزم عليه حال العذر؛ لأن التعليل للجواز.

فإن قيل: إنما لم يصح ذلك في الجمعة؛ لأن من شرطها صحة هذا الجماعة (٤).

قيل له: لا يمتنع أن تكون الجماعة شرطًا في صحتها، ثم الانتقال


(١) ينظر: الأم (٢/ ٣٥٠)، والمهذب (١/ ٣١٣)، والبيان (٢/ ٣٨٨).
(٢) مضى تخريجه في (١/ ٤٧٠).
(٣) في الأصل: المنفردة.
(٤) كذا في الأصل، ولعلها: صحة هذا في الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>