للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام، فصلاته صحيحة إذا كان بينهما ثلاث مئة ذراع فما دونها؛ كما إذا وقف في الصحراء (١).

قيل له: قد حُكي عن الشافعي - رضي الله عنه -: أنه قال: إذا صلى في سطح داره، والإمام في المسجد، لم تصح (٢).

فإن قيل: فإن سلمنا لكم ذلك، فالفرق بينهما: أن الدار لم تبن لأداء الصلاة فيها بصلاة الإمام، فلم يجز أن يصلي فيها بصلاة الإمام، وليس كذلك الطريق؛ لأنه جعل لمنافع المسلمين، ومن منافع المسلمين الصلاةُ فيها.

قيل له: فيجب أن لا يُصلي في داره بصلاة الإمام الذي في المسجد، وإن كانت الصفوف متصلة؛ للمعنى الذي ذكرت، وهو أن داره لم تبن لأداء الصلاة فيها بصلاة الإمام.

فإن قيل: الثلاث مئة ذراع فما دونها في حد القرب؛ لأنه مقدار رمية سهم الذي يحتاج المسلمون إليه إذا صلوا في حال الخوف من المشركين، فلهذا جعل في حد القرب، وما زاد عليه في حد البعد، فلم يجز اعتبار أحدهما بالآخر؛ لأنه لا بد من حد فاصل بين القريب والبعيد.

قيل له: لم كان الثلاث مئة ذراع في حد القريب بأولى من أن تكون


(١) ينظر: حلية العلماء (١/ ٢٣٦)؛ فقد قال: (قال أبو علي في الإفصاح: لا فرق بين الدار والصحراء في اعتبار القرب والبعد في الجميع)، وينظر: البيان (٢/ ٤٣٧).
(٢) ينظر: مختصر المزني ص ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>