للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: الائتمام به أن يكون مقتديًا به، قاصدًا أن يفعل مثلَ فعله، وذلك لا يقتضي التأخر عنه؛ لأنه يجوز أن يكون متقدمًا عليه، ويفعل مثل فعله.

قيل له: قد بينا أن الائتمام هو: الاتباع، وهذا يقتضي أن يكون تابعًا له في الأفعال، والمقام، وكونُه أمامَه يمنع أن يكون تابعًا، وأصله (١).

وأيضًا: فإنه قد أخذ علينا اتباع الإمام في المقام، وفي الأفعال؛ لأنه قيل له: ليكن مقامك وراء الإمام، أو معه، وأفعالك بعد أفعاله، أو معه، ألا ترى أنه إذا تقدم، فقد أساء؟ ثم اتفقوا أنه لو تقدم الإمام في أفعال الصلاة؛ مثل: الركوع، والسجود، لم يصح، كذلك إذا تقدمه في المكان، وتحرير هذا أن نقول: تقدم الإمام فيما أُخذ (٢) عليه اتباعه فيها يمنع صحة صلاته؛ كما لو سبقه بالركوع، والسجود، ونحو ذلك.

فإن قيل: ليس إذا سبق الإمام فركع ثم ركع الإمام، وسجد ثم سجد الإمام، لم تبطل صلاته، ولم يفسد إلا هذا، وإن فعل ذلك في جميع أفعال الصلاة، كذلك ها هنا.

قيل له: إنما افترقا من هذا الوجه؛ لأن هذا القدر من السبق لا يمكن الاحتراز منه؛ لأن العادة أن المأموم قد يسبق الإمام في القدر اليسير، فعفي عنه، وليس كذلك في التقدم في الموقف؛ لأنه يمكن الاحتراز منه،


(١) كذا في الأصل، ولعلها: لأصله.
(٢) في الأصل: أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>