للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه تقدم المأموم على الإمام في الصلاة، وإنما أجاز اقتداء الرجل بالمرأة في القراءة في صلاة النفل؛ لما روى أبو بكر المروذي بإسناده عن أبي خلاد الأنصاري قال: سألتْ أم ورقة - رضي الله عنها - رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: إني أصلي، ويصلي بصلاتي أهلُ داري ومواليَّ، وفيهم رجال (١) ونساء يصلون بقراءتي، وليس معهم قرآن؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قدِّمي الرجالَ أمامك، وقومي مع النساء، ويصلون بصلاتك" (٢)، ولأنه لما جاز الإخلال بركن من أركان الصلاة في صلاة النفل - وهو القيام -، جاز الاقتداء بها بركن؛ إذ ليس الاقتداء بأضعف من تركه، ولأنه لما جاز أن يؤم الشخص في صلاة دون صلاة - وهو العبد -، جاز أن يؤم في ركن دون ركن.

وأجودُ ما يجاب عن هذا: بأن القياس كان يقتضي أن تبطل صلاتهم، لكن تركنا ذلك لدليل هو أقوى منه، وهو الخبر، ولأنه غير ممتنع أن يختلف مقام الإمام لأجل المأمومين؛ بدليل: أن العراة يقوم في وسطهم، ويخالف مسنون الموقف في التقدم، وكذلك يقوم في وسطهم، وكان المعنى فيه: أنه أسترُ للإمام بوقوفه في وسطهم، ومثلُ هذا تأخرُ المرأة خلف الرجال أسترُ لها، والله أعلم.

* * *


(١) في الأصل: رجا.
(٢) مضى تخريجه في (٢/ ٢٥٨، ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>