لامرئ ما نوى" (١)، وهذا الإمام لم ينو الإمامة، فيجب أن لا يحصل له ذلك، ولأن الجماعة تفتقر إلى إمام ومأموم، وأجمعنا على أن المأموم لا بد أن ينوي إمامة من يأتم به، يجب أيضًا في حق الإمام أن ينوي إمامة من يؤمه، والعلة فيه: أن الإمام أحدُ من تنعقد به الجماعة.
فإن قيل: الفرق بينهما: أن المأموم يلزمه اتباع الإمام، فلا بد من أن يقصد ذلك، ولا يجب على الإمام اتباع المأمومين، فلا يجب عليه أن ينوي أن يكون إمامًا لهم.
قيل له: كما يلزم المأمومَ نية المتابعة، كذلك يجب على الإمام نية التحمل لسجود السهو، والقراءة، وفساد صلاة الغير بفساد صلاته.
وقياس آخر: وهو أنه إمام لم ينو إمامة من يؤمه، فلم يصح الاقتداء به؛ دليله: إذا أمَّ امرأة، فإن أبا حنيفة - رحمه الله - قد قال: من شرط الإمام أن ينوي أنه يؤمها، كذلك في الرجل.
فإن قيل: الفرق بينهما: أن الإمام قد يلحقه فساد صلاته من جهة المرأة، وهو إذا وقفت بجنبه، فسدت صلاته، فلهذا لم يصح ائتمامها إلا بنية كالمأموم؛ لما لحقه فساد صلاته من جهة الإمام، لهذا افتقر إلى النية، وليس كذلك الرجل؛ لأنه لا يلحق الإمام فساد من جهته، فلهذا لم يفتقر إلى النية.
قيل له: لا نسلم لك أن الإمام يلحقه فساد صلاته من جهة المرأة