للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن يمينه (١)، فوجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استفتح الصلاة بالليل، لم ينو أن يؤم غيره؛ لأنه كان وحده، فلما جاء ابن عباس - رضي الله عنهما - يأتم به، لم يمنعه، فدل على أن نية الإمامة (٢) غير معتبرة في الإمامة.

والجواب: أن هذا الخبر يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينو الإمامة حين دخوله في الصلاة، وليس فيه أنه لم يحدث نية عند دخول ابن عباس معه، ويجوز أن يكون قد أحدث نية الإمامة، ونحن نجيز مثل هذا في صلاة النفل، وقد نص عليه أحمد - رحمه الله - في رواية الجماعة (٣)، منهم: حمدان بن علي الوراق: في الرجل يدخل في الصلاة، وهو لا ينوي أن يؤم أحدًا، فجاء رجل، فأتم به؟ قال: لا يعجبني في الفريضة، فأما في التطوع، فلا بأس، وذكر حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

فإن قيل: فلو كانت نية الإمام شرطًا في صحة الإمامة، لوجب اعتبارها من أول الصلاة.

قيل له: نحن نعتبر ذلك من أول الصلاة في صلاة الفرض، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم، وقلنا: إذا أحرم بالصلاة منفردًا، لم يصح أن يكون إمامًا في الثاني، وإنما لا يعتبر ذلك في صلاة النفل، وقد بينا الفرق بينهما، يبين صحة الفرق: أن صوم النفل تتأخر النية فيه عن ابتدائه، كذلك ها هنا، وعلى أنه لا يمنع أن تكون نية الإمام شرطًا في صحة الإمامة، وإن


(١) مضى تخريجه في (١/ ٥٠٢).
(٢) في الأصل: الامة.
(٣) ينظر: (٢/ ٣٩٩، ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>