للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي - رضي الله عنه -: يقطع الصلاة بكل حال (١).

دليلنا: التأوه يقع على الهجاء، ويدل بنفسه على المعنى، فيصير كلامًا، والكلام إذا كان على غير وجه الذكر لله تعالى، يفسد الصلاة؛ بدلالة سائر كلام الناس، ولا يلزم عليه إذا كان من خوف الله تعالى؛ لأنه يصير ذكرًا لله تعالى، ألا ترى أنه قال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: ٧٥]؟ رُوي في التفسير (٢): أنه كان يتأوه من الخوف لله تعالى، فمدحه على ذلك، فدل على أنه إذا كان من خوف الله تعالى، يجري مجرى ذكر الله تعالى، فلا يفسد الصلاة، ويبين صحة هذا: ما احتج به أحمد - رحمه الله - من حديث عمر: كان يسمع نشيجه في الصلاة، ومعناه: يرفع الصوت بالبكاء في الصلاة حتى يُسمع، هكذا ذكره أبو عبيد (٣)، ولا يلزم عليه التنحنح؛ لأنه لا يدل بنفسه على المعنى، وإنما يفهم به المراد إذا كان على وجه الجواب، أو قصد به الخطاب؛ كالتصفيق ونحوه، مع أنه قد رُوي في التنحنح روايتان، نقل أبو طالب عنه (٤): لا يتنحنح؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نابكم شيء، فليسبح الرجال، ولتصفق النساء" (٥)، هو من غير الصلاة مثل السلام، ونقل المروذي قال: كنت


(١) ينظر: البيان (٢/ ٣٠٩)، والمجموع (٤/ ١٠).
(٢) ينظر: تفسير الطبري (١٢/ ٤٢).
(٣) في غريب الحديث (٢/ ٧٦).
(٤) ينظر: العدة في أصول الفقه (٢/ ٣٦٨).
(٥) مضى تخريجه في (١/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>