والقياس: أنه سفر يجمع مشقة السير والحل والارتحال في العادة، فوجب أن يتعلق به إباحة مدة الرخص؛ قياسًا على سفر مدة ثلاثة أيام، ولا يلزم عليه إذا كان السفر مرحلة ونصفًا؛ لأن ما زاد ليس بمعتاد؛ لأن التكرار المعتاد أن يكون الثاني مثل الأول.
فإن قيل: هذا موجود في خمسة عشر فرسخًا.
قيل له: لا يمتنع أن يتقدر بستة عشر فرسخًا لهذه العلة، وإن وجدت فيما دون؛ كما يقدر عنده بثلاثة أيام، وكما تقدرت مدة الرضاع بالحولين، ونحو ذلك من المقدرات، وإن كان معانيها توجد فيما دون ذلك.
وإن شئت قلت: سفر مقدر في العادة بإحدى مدتي المسح، فوجب أن يتعلق به الرخص؛ قياسًا على مدة ثلاثة أيام، وإن شئت قلت: مسافة تقطع في العادة في زمان يستوفي أوقات الصلوات الخمس على التكرار، فأشبه ما ذكرنا.
واحتج المخالف: بما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يمسح المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن"(١)، فخرج هذا الكلام مخرج البيان لحكم المسافر، ومن حكم البيان: أن يكون شاملًا لجميع ما أريد بيانه، فإذا كان كذلك، وجب أن يكون كل مسافر فمدة سفره ثلاثة أيام حتى
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الطهارة، باب: التوقيت في المسح على الخفين، رقم (٢٧٦) من حديث علي - رضي الله عنه -.