للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسافر ركعتان. واختلف أصحاب مالك: فمنهم من يقول: مثل قولنا، ومنهم من يقول: مثل قول أبي حنيفة (١).

دليلنا: قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١]، وقوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} (٢) يستعمل في الإباحة؛ كقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: ٢٣٤]، وقوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} [النور: ٦٠]، وقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: ٢٣٦]، وقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا} [البقرة: ٢٣٠]، وقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]، وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨]، وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: ٦١]، فدل من هذا الوجه على أن القصر مباح، وليس بواجب.

فإن قيل: هذه اللفظة قد تستعمل في الواجب؛ كقوله (٣) تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]، ولا خلاف أن السعي واجب.

قيل له: رفع الجناح عاد إلى ما اعتقدته الصحابة - رضي الله عنهم - من التحرج


(١) ينظر: الإشراف (١/ ٣٠٥)، والكافي ص ٦٧، وبداية المجتهد (١/ ٢٣٥).
(٢) في الأصل: لا جناح.
(٣) في الأصل: إلى قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>