للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: لا، الأصل في العبادات أنه لا يجوز التوكيل فيها، ما هو التوقيف، التوقيف معروف، لكن الأصل أنه لا يجوز التوكيل فيها؛ لأنه -أي التوكيل- يُفوِّت المقصود من التعبُّد لله عز وجل.

إذن لو أن العاجز وَكَّل في الصوم ما أجزأ. إذا كان عجزه لا يُرجى زواله، ووكَّل في الإطعام عنه، يُجزئ أو لا؟ يُجزئ؛ لأن الإطعام يُشبه الزكاة، فيجزئ.

طيب، إذا مات فهل يُقضى عنه أو لا يقضى؟ أما النفل فلا يُقضى؛ لأنه لم يرد؛ وما دام لم يرد فالأصل عدم القضاء، فلو أن إنسانًا كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيام البيض، ولكنه لم يصمها، ثم تُوفِّي قبل استكمال الشهر فإنه لا يُصام عنه.

إذا كان واجبًا، فمن العلماء من قال: إنه لا يُصام عنه؛ لأنه إذا مات وهو لم يصُمْ صار كالشيخ الكبير والمريض الميؤوس منه، فيُطعم من تركته عن كل يوم مسكين، ولا يُصام عنه.

وقال بعض العلماء: يُصام عنه صيام الفرض، سواء كان واجبًا بأصل الشرع كرمضان والفدية والكفارة، أو كان واجبًا بالنذر. واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة في الصحيحين: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ؛ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» (٢)، فقوله: «وَعَلَيْهِ صِيَامٌ»، يشمل الفرض بأصل الشرع أو الفرض بالنذر، هو عام.

وفصَّل بعض العلماء فقال: إن كان واجبًا بالنذر قُضِيَ عنه، وإن كان واجبًا بأصل الشرع فإنه لا يُقضَى عنه.

واستدلوا بأن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمها نذرت أن تصوم شهرًا فلم تصم، فقال: «صُومِي عَنْهَا» (٣)، فأذن لها أن تصوم عنها، والصيام نذر. ولا يقاس عليه الواجب بأصل الشرع؛ لأن الأصل في العبادات عدم جواز الوكالة، لكن هذا القول ضعيف، والصواب القول الثاني: أنه يجوز أن يُصام عن الميت ما وجب عليه من فرْض بأصل الشرع أو فرض بالنذر، الدليل عموم حديث عائشة: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ؛ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>