للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما قصة المرأة التي سألت عن النذر إلا فرد من أفراد هذا العموم، لا يخالفه ولا يقيده، هي قضية عيْن وقع فيها أن الميت مات وعليه صوم مفروض، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام أو أذِن بالصيام عنها، فهو فرْد من أفراد العموم، ولا يمكن أن نُخصِّصه.

ثم نقول أيضًا: أيهما أكثر أن يموت الإنسان وعليه صيام من رمضان أو عليه صيام نذر؟

الأول لا شك. متى يأتي إنسان نذر أن يصوم ومات قبل أن يصوم؟ ! فكيف يمكن أن نحمل الحديث العام على الصورة النادرة دون الصورة الشائعة؟ هذا في الحقيقة خلل في الاستدلال.

فالصواب إذن أنه يُصام عنه، إذا مات وعليه صيام فإنه يُصام عنه. لكن متى يكون عليه الصيام؟

يكون عليه الصيام إذا أمكنه أن يصوم، ولكنه فرَّط، ثم مات، وأما من لم يُفرِّط فإنه لا صيام عليه، لا عليه هو ولا على نفسه؛ لأنه إن كان مريضًا مرضًا لا يرجى برؤه ففرضه الإطعام، وإن كان مرضًا يُرجى برؤه واستمر به المرض حتى مات فلا قضاء عليه؛ لأنه لم يُدرِك أن يقضي.

ومثل ذلك: إذا حصل حادث ومات الإنسان المخطئ في نفس الحادث في الحال، المخطئ إذا قتل نفسًا خطأ ماذا عليه؟ إما عِتق رقبة، وإما صيام شهرين متتابعين، فإن ذا مال يتسع لعتق الرقبة، أُعتق من ماله؛ لأنه دَيْن عليه، وإن كان لا يستطيع، ليس عنده مال أو لا تُوجد الرقبة فلا صِيام عليه، لماذا؟ لعدم التمكُّن من الأداء، الرجل ما تمكن من الأداء، مات في الحال، كيف نُلزمه أن يصوم أيامًا لم يعشها؟ ! {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وهذا أبلغ، هذا غير ممكن إطلاقًا.

ففهمنا الآن الصيام، ماذا حُكمه؟ التوكيل في الصيام في حال الحياة لا يصح مُطلقًا، لا فرضه ولا نفله، لا عاجز ولا قادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>