للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن طال الوقت، فظاهر كلام المؤلف أن النية لا تصح؛ لوجود الفصل بينها وبين المنوي، وقال بعض العلماء: بل تصح ما لم ينوِ فسخها؛ لأن نيته مستصحبة الحكم، أليس كذلك؟

طلبة: بلى.

الشيخ: ما لم ينوِ الفسخ، فهذا الرجل من حين ما أذن قام وتوضأ ليصلي، ثم عزمت النية عن خاطره، واشتغل بأشياء أوجبت له أن ينسى النية، ثم لما أُقيمت الصلاة دخل في الصلاة بدون نية جديدة، فعلى كلام المؤلف لا تصح الصلاة؛ لأنها سبقت الفعل بزمن كثير، وعلى القول الراجح تصح الصلاة؛ لأنه لم يفسخ النية الأولى، فحكمها مستصحَب إلى الفعل، وهذا القول أصح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (٢)، وهذا الرجل قد نوى أن يصلي، ولم يتجدد شيء يفسخ به النية.

قال: (وله تقديمها عليها بزمن يسير في الوقت، فإن قطعها في أثناء الصلاة، أو تردد بطلت)، (إن قطعها) أي: النية (في أثناء الصلاة أو تردد بطلت)، إذا قطعها في أثناء الصلاة لا شك أنها تبطل، مثل: رجل قام يتنفَّل، ثم ذكر أن له شغلًا، فقطع النية؛ فإن الصلاة تبطل ولا شك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، وهذا قد نوى القطع فانقطعت.

(أو تردد)، تردد في القطع، كيف التردد؟ يعني مثلًا سمع قارعًا يقرع الباب فتردد؛ قال: أقطع الصلاة ولا ( ... ) أستمر؟

يقول المؤلف: إن الصلاة تبطل، وإن لم يعزم على القطع، وكذلك لو سمع جرس التلفون فتردد؛ هل يقطع الصلاة ويُكلِّم أو يستمر؟

فالمؤلف يقول: إن صلاته تبطل؛ لأن استمرار العزم شرط عنده.

وقال بعض أهل العلم: إنها لا تبطل بالتردد؛ وذلك لأن الأصل بقاء النية، والتردد هذا لا يُبطلها، وهذا القول هو الصحيح، فما دام الرجل لم يعزم على القطع فهو في صلاة، ولا يمكن أن نقول: إن صلاتك بطلت للتردد، هل يقطع أو لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>