للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا علمنا أنه مبطل لكنه اختار هذا الوكيل؛ لأنه وكيل جدلي يستطيع أن يقلب الباطل حقًّا والحق باطلًا، فهل يجوز أن تُقْبَل هذه الوكالة؟ لا يجوز؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢].

إذا ترددت فالإمام أحمد رحمه الله لا يعدل بالسلامة شيئًا، لا سيما في أوقاتنا هذه عند تغير الزمان واختلاف الذمم، فإذا ترددت هل الذي أراد أن يوكلك تخاصم عنه محق أو غير محق فالسلامة أولى؛ أي: ألَّا تقبل الوكالة.

من هذا الآن هؤلاء الذين يتوكلون ويسمونهم أيش؟

طلبة: المحامون.

الشيخ: المحامون، يسمونهم المحامين، فالمحامي إذا قال: هل يجوز أن أشتغل بالمحاماة؟ نقول: في هذا تفصيل؛ إن كنت تحامي عن شخص عاجز عن دفع الظلم عن نفسه فهذا خير وصحيح، وهو دائر بين الوجوب أو الاستحباب وإن كنت تحامي لأجل أن تحصل على فلوس سواء كان صاحبك محقًّا أو مبطلًا فهذا لا يجوز، وإن علمت أنه مبطل صار ذلك أشد تحريمًا.

نرجع الآن ونقول: هل يجوز أن يوكل من يخاصم عنه؟

الجواب: نعم، يجوز.

فإذا قيل: ما الدليل؟

قلنا: لا حاجة لطلب الدليل، لماذا؟ لأن الأصل في المعاملات الحل، فأي واحد يطالبك بدليل أي معاملة فقل: الدليل عليك أنت، هاتِ الدليل على التحريم، وعلى العين والرأس.

وكَّله بالخصومة هل يملك القبض أو لا يملك؟

يقول المؤلف: إنه لا يملك القبض، فإذا وكَّل زيدٌ عمرًا أن يخاصم عنه خصمه فخاصمه وحكم القاضي للموكل، فهل للوكيل أن يقبض ما حصلت فيه الخصومة؟ يقول المؤلف: لا، لماذا؟ لأنه ربما يرضى في وكالة الخصومة من لا يرضاه في وكالة القبض، قد يكون؛ لأنه ربما يكون هذا الرجل قويًّا في الخصومة، لكنه غير أمين، ربما لو يقبض مالي ذهب يفسده، أو يدعي التلف، أو يؤذيني في تخليصه منه، فقد أوكل في الخصومة من لا أرضاه في القبض.

<<  <  ج: ص:  >  >>