للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحال الأولى: إذا كان المُودَعُ شيئًا زهيدًا لم تجر العادة بالإشهاد عليه، هذه واحدة.

والثانية: إذا كان المُودَعُ رجلًا مبرِّزًا في العدالة، جرت العادة ألَّا يُشْهَدَ عليه إذا أودع؛ لأنه مؤتمن، أمين عند الناس كلهم، فهنا نقول: إن المودِع الذي وُكِّل في الإيداع لا يضمن؛ لأن الناس كلهم لا يقولون: هذا مفرط.

رجل أعطى شخصًا عشرة ريالات، قال: واللهِ، أنا بسافر، وهذه عشرة ريالات حطها عند فلان أمانة، أعطاها إياه قال: هذه أمانة لفلان، هل يضمن إذا لم يُشْهِد؟

طلبة: لا يضمن.

الشيخ: ليش يا جماعة؟ زهيدة، لو أن هذا الوكيل راح يجيب اثنين يشهدون، قال: اشهدوا أني أعطيت هذا عشرة ريالات وديعة لفلان، ويش يقولون الناس؟ يستخفون بي لا شك، ولا يعدون هذا مناسبًا.

مثال آخر: رجل أعطى شخصًا دراهم قال: حطها أمانة عند شخص يحفظها لي، فذهب الرجل إلى رجل مبرز في العدالة؛ أمين عالم عابد حافظ، ما هو كثير النسيان حتى نقول: هرف ونسي، ثم أودعها، هل جرت العادة أن يُشْهَد على مثل هذا؟

طلبة: لا.

الشيخ: لا، ما جرت. فالصواب إذن أن يقال: إن الموكل في الإيداع إذا لم يُشْهِد؛ إن عُدَّ مفرطًا فهو ضامن، وإلا فلا.

ولكن كيف يُعَد مفرطًا؟ نقول: هو مفرط إذا لم يشهد مطلقًا، إلا في حالين: إما لزهادة الوديعة، وإما لاعتبار المودَع.

الفائدة من الإشهاد، إذا قال قائل: ما الفائدة من الإشهاد إذا كان قول المُودَع مقبولًا في الرد؟

الفائدة هو أنه قد لا يدعي الرد، قد يكون عنده من الإيمان ما يمنعه أن يدعي الرد، وهو لم يرد، لكن ينسى فينكر الوديعة، يقول: ما ودعتني، حينئذٍ إذا لم يكن شهود تضيع أو لا تضيع؟ تضيع الوديعة، وإذا كان شهود لا تضيع؛ لأن الشهود سيثبتونها، وحينئذٍ فيكون عدم الإشهاد تفريطًا من الوكيل، فيضمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>