للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الأصل عدم الوجود، وهو قد شك في الوجود وعدمه، فوجب الرجوع إلى الأصل؛ وهو أن النية معدومة، وحينئذٍ فلا بد من الاستئناف.

ولكن على كلام المؤلف: يُقيَّد هذا بما إذا لم يكن كثير الشكوك، فإن كان كثير الشكوك بحيث لا يتوضأ إلا شك، ولا يصلي إلا شك، فإن هذا لا عبرة بشكه؛ لأن شكه حينئذٍ يكون أيش؟

طالب: وسواس.

الشيخ: يكون وسواسًا، ولا عِبرة به.

يقول رحمه الله: (وإذا شك فيها استأنفها، وإن قلب منفرد فرضه نفلًا في وقته المتسع جاز) المؤلف شرع في هذه العبارة في الانتقال من نية إلى نية، والانتقال من نية إلى نية له صور متعددة:

منها: ما ذكره المؤلف: (قلب منفرد فرضه نفلًا في وقته المتسع جاز)، مثال ذلك: دخل رجل في صلاة الظهر وهو منفرد، في أثناء الصلاة قَلَبه -أي: الفرض- إلى نفل.

نقول: هذا جائز بشرط أن يكون الوقت متسعًا للصلاة، فإن كان الوقت مُضيَّقًا؛ بحيث لم يبقَ منه إلا مقدار أربع ركعات فإن هذا الانتقال لا يصح؛ لماذا؟ لأن الوقت الباقي تعين للفريضة، وإذا تعين للفريضة لم يصح أن يشغله بغيرها.

أعود مرة ثانية ولَّا واضح؟

المثال: رجل دخل في صلاة الظهر وفي أثناء الصلاة قلب نية الفريضة إلى نفل نقول: هذا جائز بشرط أن يكون الوقت متسعًا؛ ولهذا قال: (في وقت متسع)، فإن كان الوقت مضيقًا بحيث لم يبقَ من وقت الظهر إلا مقدار أربع ركعات فإنه لا يصح أن يقلب الفرض إلى نفل، لماذا؟

لأن الوقت تعيَّن للفريضة حينئذٍ فلا يجوز أن يشغله بغير الفريضة، لكن لو فعل ماذا يكون النفل؟

لو فعل فإن النفل يكون باطلًا؛ لأنه صلى النفل في وقت منهي عنه، فهو كما لو صلَّى النفل المطلق في أوقات النهي لا يصح.

وقول المؤلف: (وإن قلب مُنفرِدٌ نفْلَه) خرج بذلك المأموم، وخرج بذلك الإمام؛ فإن ظاهر كلام المؤلف أن المأموم لا يصح أن يقلب فرضه نفلًا، وأن الإمام لا يصح أن يقلب فرضه نفلًا، لماذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>