للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما أن يستمر في صلاته ويؤديها فريضة وينصرف، ولا يُصلِّي مع الجماعة الذين حضروا، وإما أن يقطعها ويُصلِّي معهم؛ مع الجماعة، وإما أن يقلبها نفلًا فيكمل ركعتين، وإن كان قد صلى ركعتين، وهو في التشهد الأول مثلًا؛ فإنه يتمه ويسلم، ويحصل على نافلة، ثم يدخل مع الجماعة، فهنا الانتقال من الفرض إلى النفل مستحب من أجل أيش؟ من أجل تحصيل الجماعة، فإن خاف أن تفوته الجماعة وهو في الركعة الأولى مثلًا، ويقول: حتى لو قلبتها إلى نفل فإنه يبقى عليَّ ركعة؛ فإنا نقول: الأفضل أن يقطعها من أجل أن يدرك الجماعة.

قد يقول قائل: كيف يقطعها وقد دخل في فريضة، وقطع الفريضة حرام؟

نقول: هو حرام إذا قطعها ليتركها، أما إذا قطعها لينتقل إلى أفضل، فإنه لا يكون حرامًا، بل قد يكون مأمورًا به، ألم تروا أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهديَ أن يجعلوا حجَّهم عُمْرة من أجل أن يكونوا متمتِّعين (٧)؟ فأمرهم أن يقطعوا الفريضة نهائيًّا؛ لأجل أن يكونوا متمتعين؛ لأن التمتع أفضل من الإفراد.

فهذا لم يقطع الفرض رغبة عنه، ولكنه قطع الفرض رغبة فيما هو أكمل وأنفع.

المسألة الثانية: قال: (وإن انتقل بنية من فرض إلى فرض بطلا)، مثال ذلك: شرع يُصلي العصر، ثم ذكر أنه صلَّى الظهر على غير وضوء؛ فنوى أنها الظهر مجرد نية. نقول: لا تصح صلاة العصر، ولا صلاة الظهر، كيف؟

السبب: لا تصح صلاة العصر؛ لأنه قطعها، والإنسان إذا قطع العبادة بالنية انقطعت إلا الحج والعمرة، ولا تصح صلاة الظهر؛ لأنه لم يبتدئها من أولها، ركعتان من هذه الصلاة مضتا على أنها عصر، فكيف أن يمكن أن تنقلب وتكون للظهر؟ ! لا يمكن.

إذا انتقل من فرض إلى فرض بطلا الفرضان، السبب؟ لأن الفرض الذي انتقل منه قد أبطله، والفرض الذي انتقل إليه لم يَنوِه من أوله، فلا يصح لا هذا ولا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>