للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة ذات يوم وجدته مسرورًا؛ دخل عليها مسرورًا تبرق أسارير وجهه فسألته، فقال لها: «أَلَمْ تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ دَخَلَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَهُمَا قَدْ تَغَطَّيَا فِي رِدَاءٍ قَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» (١)، فسُرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة هذا الرجل القائف الذي لا يعرفهما ولا يعرف أمرهما، وذلك أن قريشًا كانت تتهم زيد بن حارثة؛ لأن أسامة أسود وزيد أبيض، وتقول: هذا ليس ولدًا لهذا، وهذا لا شك أنه يهم الرسول عليه الصلاة والسلام؛ يلحقه الهم؛ لأن زيدًا مولاه وأسامة ابن مولاه، وكلاهما مولاه، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يحبهما، ومعلوم أن الطعن فيهما ليس بأمر هين على النبي صلى عليه وعلى آله وسلم، فشهادة هذا القائف تزيده سرورًا.

المهم أن نعرضه على القافة، وكيف نعرضه على القافة؟

هذا يرجع فيه إلى الأساليب المعتادة؛ إما بأن يُعْرَض الوجه وتُسْتَر الأجسام، أن يُجْعَل حائل ويُعْرَض الوجه.

وإما أن تُعْرَض الأقدام؛ لأن الأقدام -سبحان الله- دليل واضح على الوجوه، حتى إنه عندنا هنا في البلد أناس يعرفون الرجل بقدمه؛ إذا رأى القدم ورأى أصابعه -يقول لي هذا الرجل بنفسه- يقول: كأنني أشاهد وجهه، سبحان الله! عجائب، حتى إنه إذا تسلق الجدار وكانت الجدران من قبل كانت من الطين تتأثر بالأصابع، فإذا سرق -مثلًا- وصعد على الجدار؛ تسلق الجدار عرفه بإبهامه فقط، ويقول: كأني أشاهد وجهه، وإذا دخل على حوش الغنم وسرق وخرج ورأى أثره في الرمل قال: خلاص، هو فلان.

فالمهم أن الوجوه والأقدام تدل على النسب؛ لأن مجززًا المدلجي إنما رأى أقدامهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>