للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: الوالد سببٌ لوجود المولود، ولا ينبغي أن يكون من هو سببٌ للوجود يعدم لفناء فرعه؛ يعني معناه أن الوالد سببٌ في وجود الولد، فلا ينبغي أن يكون الولد سببًا في إعدام الوالد. هذا التعليل، وذاك الدليل.

والراجح أن ذلك ليس بشرط؛ الدليل لعموم قول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥]، وعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ»، ولعموم الآية التي في البقرة: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: ١٧٨]، فعندنا الآن عمومات من الكتاب والسنة.

وأيضًا من حيث المعنى نقول: كان هذا سببًا في إعدام الولد فليكن ذلك سببًا في إعدامه.

إذن فالسبب في إعدامه نفسه ولَّا ولده؟ نفسه؛ لأنه هو الذي جنى، هو الذي أعدم غيره فكان سببًا في إعدام نفسه.

وأيضًا لا شك أن قتل الوالد لولده على وجه العمد المحض أنه من أعظم قطيعة الرحم، أليس كذلك؟ ولَّا ما هي قطيعة رحم؟ قطيعة رحم، فكيف نجازي هذا الذي قطع رحمه وقتل ابنه أو بنته ونقول: لا قصاص عليه، مع أن الله يكرر في القرآن: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ}؟ !

وأما الحديث الذي استدلوا به فإنه لا أصل له، صحيح أنه مشهور لكن ليس له سندٌ معلوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولعله أن يكون قد رُوِيَ ممن بعد الرسول عليه الصلاة والسلام فتناقله الناس وصار عمدة لديهم، وإذا لم يكن له أصل صحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام فإنه لا يمكن أن تخصص به تلك العمومات.

أما التعليل الذي ذكروا -أن الأب سببٌ في إيجاد الولد فلا ينبغي أن يكون الولد سببًا في إعدامه- فجوابه بسيط، ويش نقول؟

نقول: ما دام هو الذي قتل فهو السبب في إعدام نفسه، فانتقض هذا التعليل وسقط الدليل، فبقي الحكم مبنيًّا على أي شيء؟ على عموم الأدلة الدالة على وجوب القصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>