للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما شبه العمد فدليله حديث المرأتين اللتين من هذيل اقتتلتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدية على عاقلتها، وأن في جنينها غرة؛ عبد أو أنثى، وحمل بن نابغة عارض في ذلك، وقال: كيف يغرم من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل؟ فمثل ذلك يُطَل؛ يعني: يهدر، يريد ألَّا يضمن الجنين بالغرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ». من أجل سجعه الذي سجع (٩)؛ ليبطل به الحق.

فالحاصل أن هذا ما جعل الرسول عليه الصلاة والسلام فيه قودًا، بل جعل فيه دية تحملها العاقلة، فدل ذلك على أنه لا قصاص. إذن فالخطأ لا قصاص فيه وشبه العمد لا قصاص فيه، وإنما القصاص في العمد المحض.

ثم أخذنا عنوانًا جديدًا؛ وهو الاشتراك في القتل؛ يعني معناه إذا كان القتل ناشئًا من فعل جماعة، فيقول: (إذا اشترك جماعة في قتل عمدٍ قُتِلُوا جميعًا إن صلح فعل كل واحدٍ منهم للقتل أو تواطؤوا عليه) إذا اشترك جماعة في قتل عمد فإننا ننظر؛ إن تمالؤوا على ذلك الشيء وتواطؤوا عليه، وقالوا: نبغي نقتل فلانًا وتكتلوا على هذا، وجلسوا له -مثلًا- في مكان يبغون يقتلونه، فقاموا عليه، فبعضهم أصابه بيده جرحًا لا يُقَاد به، وبعضهم أصابه بجرحٍ يُقَاد به، والبعض الآخر بأكبر، المهم أنه مات، فهنا يقتلون جميعًا، حتى اللي ضربه بعصا بسيطًا يُقْتَل، مع أن هذا لو يُقَاد يُقْتَل ولَّا لا؟

طلبة: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>