للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: قيل به، وأن الضمان على المكرَه فقط؛ لأنه المباشِر، ولأنه لا يجوز للإنسان أن يتلف غيره لاستبقاء نفسه، يجوز ولَّا لا؟

طالب: لا.

الشيخ: واحد -مثلًا- معه صبي صغير سمين، وهم في البر وماتوا من الجوع، جاعوا وقال: أنا إن بقيت أنا وها الصبي الصغير السمين هلكت من الجوع، ويبقى يهلك هو بعدي، لكن أبغي أذبحه وآكله، ما رأيكم؟ يصلح؟ حرام، ما يجوز، هذا الرجل قيل له: اقتل هذا الرجل ولَّا قتلناك، فقال: أقتله الآن؛ لأني أخشى من القتل، نقول الآن: أنت -في الحقيقة- أهلكت غيرك لاستبقاء نفسك، فأنت لا يجوز أن تهلك غيرك لاستبقاء نفسك، قل: لا، وإذا قتلك هذا الرجل الذي أكرهك فهو عند الله.

ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن القصاص على المكرَه فقط، عللوا ذلك بأنه مباشر ومتسبب، والضمان مباشر، والعلة الثانية: ولأنه لا يجوز للإنسان أن يهلك غيره لاستبقاء نفسه.

وذهب آخرون إلى أن القصاص على المكرِه فقط، وقالوا: إنه صحيح مباشر ومتسبب، لكن هنا المباشرة مبنية تمامًا على التسبب، والتسبب في الحقيقة هنا بمنزلة الإلجاء، فهو كما لو أمسك شخصًا فضرب به شخصًا آخر، فمات المضروب، أيهما اللي يضمن؟ واحد مسك رجَّال، وضرب به رجَّال آخر ومات المضروب، على من يكون الضمان؟

طلبة: الضارب.

الشيخ: طبعًا على الضارب، هذه ما فيها إشكال، فهم يقولون هنا: إن المكرِه حمل المكرَه حملًا ضروريًّا على أن يقتل ذلك الرجل، فيكون الضمان على المكرِه -بالكسر-؛ لأنه ملجئ.

بهذا التعليل وبالتعليل للقول الثاني نجد أن القول الأول -أن القصاص عليهما- يكون قولًا متوسطًا في الحقيقة؛ لأنه يأخذ من هذا تعليلًا ومن هذا تعليلًا، فيكون القول الوسط في هذه المسألة -وهو المذهب- على أن القصاص عليهما جميعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>