للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبتان سنة، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب عليها، على الخطبة بعد العيد، ومع هذا يقولون: إنها سنة، واستدلوا لكونها سنة بأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لمن أراد أن يقوم ولا يحضر أن يقوم ولا يحضر (٨)، وقالوا: إنها لو وجبت لوجب حضورها، هكذا قالوا.

ولكن هذا التعليل عليل في الواقع؛ لأنه لا يلزم ألا تجب إذا لم يجب الحضور، قد يكون النبي عليه الصلاة والسلام أذن للناس بالانصرف وهي واجبة عليه، يذكر من بقي.

ثم إن الغالب -ولا سيما في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام- ألا ينصرف أحد إلا من ضرورة، ولهذا لو قال أحد بوجوب الخطبة أو الخطبتين لكان قولًا متوجهًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك، ولأن الناس الآن في اجتماع كبير لا ينبغي أن ينصرفوا عن غير موعظة وتذكير. ولكن المؤلف يرى أنهما سنة.

فإن قال قائل: ما الدليل على سنية ذلك؟

قلنا: الدليل على سنية ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

وإذا قال قائل: ما الدليل على أن ذلك ليس بواجب؟

قلنا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في حديث المسيء في صلاته شيئًا من واجبات التكبير إلا تكبيرة الإحرام.

ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى أن تكبيرات الانتقال سنة وليست بواجبة، يعني تكبير الركوع والسجود والقيام سنة وليس بواجب، قالوا: لأنه لم يثبت إلا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولكن نقول: الصحيح أن التكبيرات واجبة، ما عدا التحريمة فهي ركن. ودليل هذا: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم يدع يومًا من الأيام شيئًا من هذا التكبير، وقد قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>