للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذا لا يدل على الكراهة لغير الإمام، بل لا يدل على الكراهة ولا للإمام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى مصلى العيد ليصلي بالناس، فصلى بهم ثم انصرف، كما أنه يوم الجمعة يخرج إلى المسجد ويخطب ويصلي وينصرف ويصلي في بيته، فهل أحد من الناس يقول: إنه يكره أن يصلي الإنسان في يوم الجمعة في المسجد قبل الصلاة وبعدها؟ ما سمعنا أحدًا قال بهذا، فكذلك نقول: صلاة العيد سواء ولا فرق، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم إمام منتظر، ينتظر ولا ينتظر، فجاء فصلى بالناس ثم انصرف. هذا في الحقيقة كوننا نأخذ الكراهة من مجرد هذا الترك فيه نظر. ولو قالوا: إن السنة ألا يصلي لكان أهون من أن نقول: إنه يكره؛ لأن الكراهة حكم شرعي تحتاج إلى دليل نهي؛ إذ إن الكراهة لا تثبت إلا بنهي، إما نهي عام مثل: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (١١)، وإما نهي خاص، أما مجرد أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يصل فهذا لا يقتضي الحكم بالكراهة.

ثم إن ترك النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة واضح في السبب، ما هو؟ لأنه إمام منتظر، فجاء فصلى وانصرف، لكن المأموم الذي ينتظر الإمام نقول: إذا أتيت لا تصل! يكره لك وننهاك عن هذا! هذا فيه نظر.

ولهذا ذهب بعض العلماء -رحمهم الله- إلى أن الصلاة غير مكروهة في مصلى العيد، لا قبل الصلاة ولا بعدها، وقال: بيننا وبينكم كتاب الله وسنة رسوله، هاتوا دليلًا على الكراهة، وإلا فهذا خير، تطوع.

وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» (١٢)، فكيف تكرهون هذا؟

ثم إن مذهب الشافعي -رحمه الله- في هذه المسألة هو الصواب: أنه لا تكره الصلاة في مصلى العيد، لا قبل صلاة الإمام ولا بعدها.

هذا المذهب هو أصح المذاهب، وبعض العلماء كره الصلاة بعدها لا قبلها، وبعضهم كره الصلاة بعدها.

طلبة: قبلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>