للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لدينا قاعدة مهمة لطالب العلم، وهي أننا إذا شككنا في الشيء أَمُفَطِّر هو أم لا فما الأصل؟ الأصل عدم الفطر، فلا نجرؤ على أن نُفْسِد عبادة مُتَعَبِّد لله إلا بدليل واضح يكون لنا حجة عند الله عز وجل، فالحقنة مثلا لا شك أنها ليست أكلًا ولا شربًا، ولا يحصل بها ما يحصل بالأكل والشرب من التلذذ، فلذلك لا نُلحِقها بالأكل والشرب إلَّا بشيء نعتمد عليه بَيِّن وواضح.

قال: (أو اكتحل بما يصل إلى حلقه) (اكتحل) الكحل معروف، اكتحل بما يصل إلى الحلق، فإنه يُفَطِّر؛ لأنه وصل إلى شيء مجوف في الإنسان وهو الحلق، هذا هو تعليل من قال: إن الكحل يُفَطِّر، ولكن هذا التعليل فيه نظر، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أن الكحل لا يفطر ولو وصل طعم الكحل إلى حلقه، وقال: إن هذا لا يسمى أكلًا ولا شربًا ولا بمعنى الأكل والشرب، ولا يحصل به ما يحصل بالأكل والشرب، وليس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديث صحيح صريح يدل على أن الكحل مُفَطِّر، والأصل عدم التفطير وسلامة العبادة حتى يثبت لدينا ما يُفْسِدها، وما ذهب إليه رحمه الله هو الصحيح، وأن الكحل لا يفطر ولو وجد الإنسان طعمه في حلقه، وبناءً على ذلك لو أنه قطر في عينه وهو صائم فوجد الطعم في حلقه فإنه لا يُفْطِر لذلك بناءً على ما اختاره شيخ الإسلام، وهو حق إن شاء الله.

قال: (أو أدخل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان غير إحليله)، إذا أدخل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان -غير الإحليل- فإنه يفطر بذلك، فلو أن الإنسان أدخل منظارًا إلى المعدة حتى وصل إلى المعدة فإنه يكون بذلك مُفْطِرًا، والصحيح أنه لا يُفْطِر بهذا إلا أن يكون في هذا المنظار دهن أو نحوه يصل إلى المعدة بواسطة هذا المنظار، فإنه يكون بذلك مُفْطِرًا، ولا يجوز استعماله في الصوم الواجب إلَّا للضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>