للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قال قائل: هذا الحديث فهمناه، هذا الحديث ضعَّفه بعض أهل العلم، وقال: إنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فمن ضَعَّفَه فإنه لا يستدل به، ولا يأخذ به؛ لأنه لا يجوز أن يُحْتَج بالضعاف على أحكام الله عز وجل.

ومن العلماء مَن صحَّحَه كالإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرِهما من الحفَّاظ، وعلى هذا يكون الحديث حجة، فإذا كان حجة وقلنا: إنه يُفْطِر بالحجامة الحاجمُ والمحجومُ، فما هي الحكمة؟

قال الفقهاء رحمهم الله: إن هذا من باب التعبُّد، والأحكام الشرعية التي لا نعرف معناها تسمى عند أهل الفقه تعبُّدية، بمعنى أن الواجب على الإنسان أن يتعبَّد لله بها، سواءٌ علم الحكمة أم لا.

ولكن نسأل: هل لها حكمة معلومة عند الله؟

الجواب: نعم لا شك؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: ١٠]، فما مِنْ حكم من أحكام الشريعة إلَّا وله حكمة عند الله عز وجل، لكن قد تظهر لنا بالنص، أو بالإجماع، أو بالاستنباط، وقد لا تظهر.

فهذه المسألة -أعني إفطار الحاجم والمحجوم بالحجامة إذا ظهر الدم- هذه من الأحكام التعبُّدية التي يجب على الإنسان أن يتعبَّد لله بها وإن لم يعرف المعنى.

وهذه الأحكام التعبُّدية لها أصل أشارت إليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سألتها عَمْرة بنت رواحة قالت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟

طالب: مُعاذة.

الشيخ: مُعاذة، قالت: كان يصيبنا ذلك فنُؤْمَر بقضاء الصوم ولا نُؤْمَر بقضاء الصلاة (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>